استهجنت "الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة" الأنباء التى أفادت ببدء
السلطات المصرية فى بناء جدارٍ فولاذى على طول الحدود المصرية مع قطاع
غزة؛ بدعوى الحد من حفر الأنفاق التى تستخدم لنقل البضائع إلى الفلسطينيين
المُحاصَرين.
وقالت الحملة، فى بيان لها "إن بناء الجدار من شأنه تشديد الحصار والتضييق
على الفلسطينيين الذين ابتكروا أسلوب الأنفاق إثر اشتداد الحصار لتكون
بمثابة خطٍّ لإمدادهم بالحياة فى ظل استمرار إغلاق المعابر" مضيفة أن
"الجدار الفولاذى الذى تعتزم السلطات المصرية بناءه بعمق ما بين عشرين
وثلاثين مترًا، حسب ما أفادت به وسائل الإعلام؛ يعمِّق الكراهية بين
الشعوب، كما أن إنشاءه دون إيجاد مخرجٍ حقيقى لأزمة الحصار الخانقة
سيتسبَّب فى الكوارث لأهالى القطاع المُحاصَرين".
وطالبت الحملة الأوروبية من الرئيس حسنى مبارك، والحكومة المصرية والسلطات
التابعة لها، باتخاذ قرارٍ فورى برفع الحصار عن قطاع غزة عبر فتح معبر
رفح، وإلغاء فكرة بناء "الجدار الفولاذى".
وقالت "إن مأساة الحصار الخانق الذى يشتد على مليون ونصف المليون إنسان فى
قطاع غزة؛ تفرض تدخلاً مباشرًا من جانب جمهورية مصر العربية، التى
بإمكانها عمليًّا إنهاء هذه المعاناة بمجرد فتح معبر رفح والسماح بدخول
الاحتياجات الإنسانية والطبية والغذائية وإمدادات الوقود القطاعَ المحاصر،
الأمر الذى من شأنه أن ينفى حاجة حفر الأنفاق".
وانتقدت صحيفة لوس أنجلوس الأمريكية قيام الحكومة المصرية ببناء الجدار،
وقالت فى تقرير أعده مراسلاها فى القاهرة، جيفرى فليشمان وعمرو حسن إن
الكتاب والسياسيين العرب وصفوا هذا الجدار بـ"جدار العار" واتهموا السلطات
بالانحياز للجانب الإسرائيلى ومساعدته على عزل 1.5 مليون فلسطينى، الأمر
الذى أوضح مدى ارتباط المصريين بالشعب الفلسطينى وحرصهم عليه.
وتشير الصحيفة إلى أن بناء الجدار بدأ منذ عدة أسابيع، ولكن الحكومة
المصرية أعلنت عنه الأسبوع الماضى فقط، وعلى الرغم من رفض المصريين لهذا
المشروع باعتباره إهانة توجهها حكومة الرئيس مبارك التى تعارض حماس،
الجماعة الإسلامية المسلحة التى تحكم غزة، للفلسطينيين دافع عنه المسئولون
وتصدوا لهذه الاتهامات.
وترى لوس أنجلوس تايمز أن الضجة الواسعة التى خلفها قرار بناء جدار فاصل
أظهر مدى متانة العلاقة التى تربط المصريين بالفلسطينيين على الصعيدين
الجغرافى والعاطفى، ولكنه فى الوقت نفسه أكد على الورطة الدبلوماسية
المعقدة التى تواجهها مصر فى محاولاتها لتقويض حماس، فبناء الجدار يتزامن
مع تزايد مخاوف البلاد من العلاقة الوثيقة التى تجمع بين الجماعة
الإسلامية وإيران وحزب الله فى لبنان، فى حين يعكف المسئولون المصريون على
تشكيل وحدة بين الفصائل الفلسطينية، والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى بين
إسرائيل وحماس يؤدى فى نهاية المطاف إلى الإفراج عن الجندى الإسرائيلى،
جلعاد شاليط.
زادت السلطات المصرية من تشديد قبضتها على الحدود مع غزة منذ اعتلاء حماس
لحكم قطاع غزة عام 2007، وبات تهريب البضائع والأسلحة والغذاء وحتى لبن
الأطفال عبر الأنفاق سبيل الفلسطينيين الوحيد للبقاء على قيد الحياة.
وتنقل لوس أنجلوس تايمز عن إبراهيم عيسى ما كتبه فى جريدة الدستور "أن مصر
تبنى جدارا يدعو للعار على الحدود مع غزة، الأمر أشبه بالإطاعة الكاملة
للتوصيات الأمريكية، فنحن نفتح أرضنا لبناء حاجز لن يخدم أو يدعم سوى
السياسات الأمريكية والإسرائيلية".
ويرى عيسى أنه بغض النظر عن القناعة السياسية المصرية، كان البناء مثالاً على انتشار الاستبداد فى مصر.
وقد نظمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تظاهرة فى مدينة رفح المحاذية
للحدود المصرية للاحتجاج على بدء السلطات المصرية وضع حواجز معدنية داخل
الأرض لمنع التهريب إلى غزة عبر الأنفاق.
وردد المشاركون الذين رفعوا رايات حماس الخضراء، هتافات منها "حسبنا الله
ونعم الوكيل". وقال سامى أبو زهرى المتحدث باسم الحركة فى مؤتمر عقده فى
نهاية التظاهرة إن "حركة حماس ترفض بناء الجدار الفولاذى على الحدود
المصرية الفلسطينية وتطالب بوقف البناء".
وتابع إن حماس "تستهجن بناء الجدار وترفض التبريرات بأن ذلك شأن مصرى"،
مؤكدا أن "الاعتبارات العربية والإسلامية تلزم الأشقاء بالوقوف بجانب
بعضهم".
وأضاف أبو زهرى "لا يجوز أن يبنى هذا الجدار بدل استخدام خطوات لكسر
الحصار". ودعا أبو زهرى "مجلس الشعب المصرى على اختلاف توجهاته السياسية
والأحزاب السياسية والمؤسسات الحقوقية" إلى "الوقوف فى وجه سياسة الخنق
والحصار وبذل كل جهد لوقف جدار الموت".
وكانت مصادر رسمية مصرية وسكان فى منطقة رفح المحاذية للحدود مع قطاع غزة
أعلنوا أن السلطات المصرية بدأت فى وضع حواجز معدنية داخل الأرض لمنع
التهريب عبر الأنفاق.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ سيطرة حركة حماس عليه فى يونيو 2007. ولا
تسمح السلطات المصرية لسكان غزة بدخول أراضيها من رفح إلا فى ظروف
استثنائية. وهى تعلن باستمرار تدمير أنفاق.
وبدأت مصر منذ يناير الماضى تركيب كاميرات مراقبة وإنذار على طول الحدود، فى إطار تقنية مراقبة متطورة ساهمت فيها الولايات المتحدة.